كيف يصف ويشرح علماء النفس أنماط الحب
لماذا يقع الناس في الحب ؟! لماذا هناك علاقات تدوم لسنين طوال بينما هناك علاقات أخرى عابرة ؟!
خبراء وعلماء النفس قدموا دراسات لوضع نظريات مختلفة لشرح أنماط الحب والعلاقات العاطفية ومدى استمراريتها.
الحب حاجة إنسانية فطرية , ولكن فهمها وسبر أغوار أسبابها, كيفيتها وآنية حدوثها ؛ ليس بالأمر اليسير على الإطلاق.
أعتقد العلماء سابقاً أن الحب شيء غامض عصي على الفهم و بدائي جداً ويشبه الروحانيات في عدم رضوخه للدراسات العلمية.
مايلي بعض النظريات الأساسية لشرح الحب والمشاعر المصاحبة له :
الحب نظير الإعجاب !
عالم النفس “زاك روبن” يرى أن الحب بصفته الرومنسية يتكون من ثلاثة عوامل :
1- الارتباط.
2- الاهتمام.
3- الحميمية.
روبن يعتقد أننا كبشر نختبر أحياناً مشاعر تقدير عظيمة وامتنان للآخرين. نحب أن نقضي أوقاتاً طويلة مع هؤلاء الأشخاص بشكل مستمر , ولكن هذا لا يُصنّف بالضرورة على أنه حب. بدلاً من ذلك فإن روبن يُصنّف هذه المشاعر على أنها إعجاب. الحب عكس ذلك تماماً , فهو أكثر عمقاً وحساسية ويتضمن رغبة قوية للتواصل الحميمي. الأشخاص الذين يختبرون علاقة إعجاب متبادل يستمتعون برفقة بعضهم بينما الأشخاص الواقعين في الحب يهتمون أكثر باحتياجات الطرف الآخر كأنها احتياجاتهم الخاصة !
الارتباط العاطفي هو الحاجة لتلقي الاهتمام والاستحسان والتواصل الجسدي مع الآخر. ويتضمن الاهتمام تقدير الطرف الآخر وسعادته كأنها حاجات ذاتية.
بينما تشير الحميمية إلى مشاركة الأفكار والرغبات والمشاعر مع الطرف الآخر.
إنطلاقاً من التعريفات السابقة صمم روبن استطلاع آراء واختبارات لقياس سلوك المرتبطين في علاقات عاطفية و وجد أن ميزان الحب والإعجاب يدعم تماماً مفهوم الحب بشكل عام.
اللطف نظير الشغف !
تقول عالمة النفس “إلين هاتفيلد” و زملاؤها أن هناك نوعان من الحب :
1- الرحمة واللطف.
2- الشغف.
الحب اللطيف يتميز بالاحترام المتبادل والارتباط العاطفي و الميل والثقة. و هو عادة تتطور لمشاعر الاحترام و فهم الطرفين أحدهما للآخر.
بينما الحب الشغوف يتميز بمشاعر جياشة و انجذاب جسدي ولهفة وتعلق. عندما يتبادل الطرفان الشغف على نفس المستوى يشعران بالبهجة وتحقيق الذات على المستوى العاطفي , على العكس من ذلك حين لا يكون الشغف متبادلاً فإن ذلك يؤدي إلى الشعور العارم باليأس والجزع على حد سواء. وتعتقد هاتفيلد أن الحب الشغوف ليس دائم وهو عادة يستمر بين 6 شهور إلى 30 شهر.
هاتفيلد تعتقد أيضاً أن الحب الشغوف يظهر عندما تُهيء له البيئة الإجتماعية الظهور , حيث أن التوقعات العالية من الآخرين تشجع على فكرة الوقوع في الحب عندما يلتقي الشخص بحبه الكبير الذي يملك عنه صورة مسبقة كوّنها له المحيط الإجتماعي عن صفاته وخصائصه والتي تعتبر مثالية بمعايير هذا المجتمع.
نظرياً فإن الشغف يقود الإنسان إلى اللطف والذي يعتبر مرحلة الاستقرار العاطفي والثبات , فالناس عموماً يبحثون عن علاقات تكون مزيجاً بين الإثنين ؛ حيث تجمع بين استقرار وثبات الحب اللطيف , وبين نارية والتهاب مشاعر الحب الشغوف. وكما تعتقد هاتفيلد فإن هذه العلاقة العاطفية نادرة الحدوث.
الحب في دائرة الألوان !
عام 1973 قارن العالم النفسي جون لي في كتابه “ألوان الحب” بين ثلاثة أنواع من الحب وربطها بدائرة ألوان ليسهل شرحها وتطبيقها. وكما أن هناك ثلاثة ألوان رئيسية تتفرع منها عدة ألوان فرعية , كذلك العلاقات وأنواع الحب كما يراها جون لي :
الألوان الرئيسية للحب وفق جون لي :
– إيروس: وهي كلمة لاتينية تعني الشغف و الإثارة. ويعتقد لي أن هذا النوع من العلاقات العاطفية مُتّقد بالتواصل الجسدي والعاطفي.
– لودوس: وهي كلمة لاتينية تعني “لعبة”. وهذا النمط من العلاقات عادة يُبنى على رغبة أحدهم بالاستمتاع وقضاء فترات من المرح بعيداً عن الإلتزام , والحذر من بناء مشاعر مودة تستبقي الطرف اللعوب.
– ستورج: وهي كلمة لاتينية تعني الميل الطبيعي أو الفطري , وهذا النوع من أنواع الحب عادة يتكون تجاه أفراد العائلة , الأبناء والأمهات والآباء والإخوة و أفراد العائلة , كذلك يعتبر تطور طبيعي لمشاعر الصداقة حين يتشارك إثنان بعض الاهتمامات ويقضون أوقاتاً طويلة مع بعضهما.
استكمالاً لفكرة دائرة الألوان , فإن الألوان السابقة كما يرى لي هي الألوان الأساسية للحب ومنها تتفرع أنماط بعد دمج عنصرين من العناصر السابقة معاً :
الأنماط الثلاثة الأوّلية :
– إيروس : يحب بمثالية.
– لودوس : الحب لعبة.
– ستورج : الحب صداقة.
الأنماط الثلاثة الفرعية :
– إيروس + لودوس : الإستحواذ في الحب.
– لودوس + ستورج : حب واعي وعقلاني.
– إيروس + ستروج : حب خالي من الأنانية.
مثلث العلاقات !
العالم النفسي روبرت ستيرنبيرج إقترح ثلاثة مكوّنات أساسية للحب في العلاقات العاطفية :
1- المودة.
2- الشغف.
3- الإلتزام.
امتزاج المكونات السابقة بمقادير مختلفة ينتج لنا أنماط متعددة كما يرى ستيرنبيرج , على سبيل المثال فإن المودة والإلتزام يقودان إلى علاقة حب جادة ومستقرة بينما الشغف والمودة وحدهما يقودان إلى علاقة دائمة الإشتعال !
ويرى العالم ستيرنبيرج أن العلاقات التي تتكون من اثنان أو أكثر من العناصر السابقة تعتبر أكثر صموداً وثباتاً على عكس العلاقات التي تعتمد على عنصر واحد فإنها سريعة التلاشي. ويصف سترينبيرج العلاقة التي تتكون من هذه الثلاثة عناصر معاً بـ ” الحب المتكامل” , ويعتبرها العلاقة الأقوى والأكثر ثباتاً واستقراراً , لكنه يعتقد أيضاً بأن هذا النمط نادر الحدوث !