مهما طالَ عُمرها فإن وقتًا لابد آتِ كي يُطفئ جذوة الحب المستعرة، ويبدأ الحب الهادئ في احتلال علاقة الزوجين، وتزداد العلاقة توطيدًا بالعشرة بينما لا يزال الحب هادئًا.
لا يستطيع أحدهما أن يتخلى عن الآخر ولكنه في الوقت ذاته لم يعد يشعر بتلك السعادة التي كانت تملأ قلبه من قبل حينما لمح عيني شريكه للمرة الأولى، أو حينما أمضى الساعات في انتظار لحظة لقاء قصيرة لا تمتد إلا لدقائق معدودة، ولكنها تظل هي الأجمل إلى الأبد بَطًلًتُها لمسة اليد الأولى التي تقلب كيان كلا الزوجين والحبيبين ومن هنا يعتقدا بأنه لا ماء يمكنه إطفاء تلك العاطفة التي اشتعلت في كليهما حتى مماتها!
ولكن يحدث مالا يتوقعا وبعد سنوات قليلة ربما أربع أو خمس سنوات يبدأ حبهما في الركود؛ ركود ليس بقاتل ولكنه لا يجعل العلاقة كما كانت؛ سببًا في سعادتهما وهدوئهما النفسي! ولعل ذلك أحد أسباب الزواج الثاني ولعله أيضًا سببًا في الخيانات! حسنًا لا نُبرر هذا ولا تلك ولكننا بصدد تحليل الموقف بحيادية حتى نقف على السبب الذي تهدأ من أجله نشوى الحب وسعادته.
فالفترة الأولى للحبيبين يختبران فيها سعادة وهدوءًا نفسي وثقة عالية بالنفس تجعل كلًا منهما يشعر وكأنه وُلد من جديد أو كأنه كان ميتًا وأُحيي من جديد! ذلك الشعور لا ينفك تخفت قوته ويتبدل بالمشاعر الهادئة التي لا تُحركُ ساكنًا مما استفز بعض الباحثين النفسيين لدراسة الأمر فخرجوا علينا بنتيجة صادمة!
الخيانة، الألم، الهجر، الغدر، الجرح، والفراق كلها تصرفات من شأنها أن تُنقذ الحب وتُبقيه مشتعلًا 20 عامًا، 40 عامًا، 50 عامًا أو حتى إلى الأبد! ذلك ما يُؤكده الباحثين النفسيين بعدما اختبروا عدة أزواج وتأكدوا من كل حرف ذُكر!
حسنًا قبل أن تنفرج أساريرك لأننا ندعوك لخيانة الطرف الآخر كي تعيش الحب المشتعل للأبد؛ فالأمر ليس كما تفهم تمامًا؛ فلسنا ندعوك لتجربة الخيانة وجرح شريكتك أو شريككِ بل ما قصدته تلك الدراسة هو أن تتحمل شعورك بالشك تجاه الطرف الآخر؛ أن تظل طيلة الوقت في خوف من الهجر والفراق؛ أن تتحمل من الطرف الآخر الرفض المستمر والوجع؛ تلك المشاعر ستُبقيك في حب دائم فأنت وقتها ستصير خائفًا من الوحدة وستبذل قًصارى جهدك كي تُبقي حبيبك بجوارك كما وأن أقل لفتة رومانسية من الطرف الآخر ستجعلك في قمة سعادتك وفي أوج انتشائك العاطفي!
لعل تلك الدراسة صحيحة فهناك الكثير من البشر من يتحملون كل ما هو مُضني في الحب كي لا يفقدوا من أحبوا ولكن ذلك غير مُحتمل كي نعيشه للأبد! الركود العاطفي والهدوء بين الزوجين أكثر راحةً بكثير من القلق الدائم ودوام الحزن والشعور بالألم؛ صحيح أن من يجد الرفض مُقابل حبه يزداد عشقًا لمن يرفضه ولكن يأتي وقتًا يُقرر فيه أن يبتعد ليجد من يُقدر حبه ويُشعره بالسعادة بدلًا من الحزن والألم؛ صحيح أن من يُجرح يتحمل ويقاوم جراحه كي تستمر العلاقة ولكنه بعد فترة تتبلد مشاعره ويفقد قدرته على التحمل فيحول مساره إلى حب آخر يُريحه؛ أو حتى أنه سيفضل الوحدة على أن يبقى حزينًا في معية من يُحب!
الزواج علاقة قوامها المودة والرحمة؛ أن تود من تُشاركه عمره وأن ترحمه؛ وليس الزواجُ خيانةُ أو هجرًا؛ ولو كان الزواج سيستمر كذلك لما كان الزواج هو سر الهدوء النفسي والسكينة؛ والحل الحقيقي للركود العاطفي هو التغيير؛ أن يُغير كل طرف من نفسه من حين لآخر حتى يجذب الطرف الآخر له ويُوقعه في الحب من جديد كل يوم وذلك تمامًا ما يجب أن تعيه وأنت تبحث عن شريكك في موقع الخطابة كي تجد الشريك الذي يُشبعك حبًا لا عذابًا.